أخبار

ستة شعراء من الإمارات والسعودية وقطر تميزوا بحضور لافت وأداء متفاوت

أبوظبي، الاثنين 16 يناير 2023

انطلقت من على مسرح شاطئ الراحة الحلقة المباشرة الأولى من برنامج المنكوس في موسمه الثالث، البرنامج الشعري الأول من نوعه والمتخصص بفن المنكوس من موروث الشعر النبطي الأصيل، بتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، في إطار حرصها المستمر على التعريف بالموروث الشعبي وتعزيز دوره في بناء الهوية الوطنية، وسعيها، من خلال برنامج المنكوس، لإحياء فن المنكوس المرتبط بالشجن والوجد والغزل من أغراض الشعر التقليدية، والذي تميّز بأدائه ونظمه إلى جانب المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وفتاة العرب عوشة بنت خليفة السويدي وآخرون.

واستُهِلَّت الحلقة المباشرة الأولى من البرنامج، والتي شهدت حضور معالي اللواء ركن طيار فارس خلف المزروعي قائد عام شرطة أبوظبي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، وحشد من الإعلاميين ومحبي فن المنكوس من الإمارات وخارجها، بأبيات الشعر:

فالموسم الثالث وفالعهد الجديد       عهد أبوخالد بارك الله ساعته

زعيمنا اللي يا عسى عمره مديد         من أبسط حقوقه علينا طاعته

برنامج المنكوس عاود من جديد                كلن يجهز للطرب سمَـــاعته

وافتتحت الحلقة بالأداء المتميز للشعراء حمدان المنصوري وهادي جابر المري وناصر الطويل الذين تغنوا بلحن المنكوس من أبيات الشاعر سيف سالم المنصوري، تلاه ترحيب الإعلامية هدى الخريف بلجنة التحكيم التي ضمت كلا من الشاعر الأستاذ محمد بن مشيط المري من الإمارات، والشاعر والمنشد شايع فارس العيافي من المملكة العربية السعودية، الأكاديمي الدكتور حمود جلوي عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية بكلية التربية الأساسية من دولة الكويت، حيث استطلعت مقدّمة البرنامج آراءهم في انطلاقة الموسم الثالث التي أجمعوا على الإشادة بها كدلالة لحرص أبوظبي على ترسيخ الهوية الوطنية والحفاظ على فنون شعبية تراثية عريقة مثل فن المنكوس، متوجهين بالشكر إلى القائمين على البرنامج، ومؤكدين تميز الموسم الحالي بشعراء صغار السن يخوضون التحدي بجدارة واقتدار.

تلاه، عرض فيديو تسجيلي لمسيرة السيارات الكلاسيكية التي أقلت الشعراء الـ 18 المشاركين إلى مسرح شاطئ الراحة، حيث برز الشعراء على المسرح لتحية الجمهور وانطلاق منافساتهم لنيل لقب "فارس المنكوس"، كما تم عرض تقرير عن آلية التنافس بين المتسابقين الـ 18 الذين يخوضون خمس مراحل رئيسية يكون التقييم في المراحل الثلاث الأولى منها تبعاً لجمال الصوت وإتقان اللحن وطريقة الأداء وطول النفس وقوة الصوت، مقسوماً بنسبة 50% من لجنة التحكيم و50% لتصويت الجمهور، وصولاً إلى المرحلة الرابعة نصف النهائية حيث تصبح النسبة 60% للجنة، و40% لتصويت الجمهور، أما المرحلة الخامسة النهائية فيتنافس المتسابقون الستة خلالها على المراكز من السادس حتى الأول وإعلان الفائز بلقب "فارس المنكوس".

كما سلطت الحلقة من خلال تقرير مسجّل الضوء على ما يميز هذه الدورة من البرنامج في موسمه الثالث إذ يرافقه تنظيم مخيم تدريبي يهدف إلى تقديم الدعم للمتسابقين بالدورات التدريبية وأولها دورة التدريب على الأداء في المسرح بتقديم من المخرج الإماراتي عبد الله حسن أحمد، والتي تقام جميعها في ليوا بمنطقة الظفرة من إمارة أبوظبي، وجاء بعد ذلك انطلقت مقابلات المتنافسين مع الشعراء طالب الحديد المري من قطر، فهد عبد الله الربيعي المنصوري وراكان عايض الربيعي المنصوري من الإمارات، فرج الحميدان المري وعبد الله الجلاب المري ومبارك غانم آل عمار الدوسري من السعودية.

طالب الحديد المري من قطر: تصفيات المسابقة وتوصيات لجنة التحكيم

أول نجوم الحلقة كان الشاعر القطري طالب الحديد المري الذي اعتبر عضو لجنة تحكيم البرنامج محمد بن مشيط المري أنه أجاد اختيار النص الذي له دور في أداء المتسابق بما يحمل من أبيات حساسة، مشيداً بتميز الشاعر بالأداء وطبقة الصوت، مع ملاحظة استعجال الشاعر في الإلقاء، أما الدكتور حمود الجلوي فقال مخاطبا الشاعر: "المرحلة الأولى مرحلة تصفيات ولكن هذه المرحلة هي مرحلة توصيات يكون فيها التوجيه أساسا، وقال: "أحسستَ ببعض الارتباك، ولم تبرز شخصية المؤدي الذي نبحث عنه ولا نجده"، أما الأستاذ شايع العيافي فأشار إلى أنه طرب لأداء الشاعر في البيتين الأخيرين، ملاحظا أيضاً ارتباك الشاعر واستعجاله.

فهد عبد الله الربيعي المنصوري من الإمارات: أداء متفاوت بين الإتقان والاستعجال

أما ثاني نجوم أمسية المنكوس فهد عبد الله الربيعي المنصوري من الإمارات، فقد خاطبه الدكتور حمود الجلوي قائلاً: "دخلت دخولا متقنا دون انقطاع النفس، لكن في الشطر الثاني كان هناك عجلة، والمنكوس فن النفوس، وفي الوسط كنت أحاول إيجاد ما يبرز شخصيتك"، أما الأستاذ شايع العيافي فأشار إلى أن صوت الشاعر جميل وأداءه أداء شخص يعرف النفوس ويؤديها بثقة، وحضوره متميز، بينما اعتبر الأستاذ محمد بن مشيط المري أن الشاعر أدى المنكوس مئة في المئة وأن صوته لا يختلف على جماله اثنان، وأن وقوفه وقوف الواثق، إلا أنه اختلف عنده الأداء على المسرح. 

راكان عايض الربيعي المنصوري من الإمارات: حذره أثّر في مدّه اللحن

وكان المتسابق راكان عايض الربيعي المنصوري ثالث متسابقي الحلقة، حيث أشاد الأستاذ شايع العيافي بحضوره وأدائه، قائلاً: "أديت اللحن كما طلبناه كقالب خارجي للحن، ولكل مؤدٍّ أن يظهر بصمته الخاصة في أدائه، لكن أداءك كان مشتتا"، بينما أشاد محمد بن مشيط المري بما قام به الشاعر قائلاً: "كل بيت أعطيته لحنا معينا، أنا متأكد أنك مجيد ولكن ربما هو الضغط النفسي والارتباك أو التعب"، ورأى الدكتور حمود الجلوي أن حفظ المتسابق للأبيات ساعده في أن يقدم اللحن بالطريقة الصحيحة لكن حذره أثر في مدّه اللحن وتشتّته في أدائه، متمنياً عليه أن تأخذ ملاحظات لجنة التحكيم بالحسبان للمرحلة القادمة.

وثائقيات المنكوس: دروس في أصالة الفن وعراقة أدائه

تلا مشاركة ثالث المتسابقين في الحلقة، عرض وثائقيات المنكوس، والتي تسلط الضوء على مكانة فن المنكوس في حياة الجزيرة العربية والإمارات وتاريخ المنكوس وجره مع الربابة بما يعطيه إيقاعا موسيقيا وجماليات صوتية مضافة بين النفس الطويل والقصير، مع شهادات مسجلة لشعراء رواة وخبراء في فن المنكوس بينهم سعيد بن حمد المري وعلي راشد بن درعة، وبادي بن فهد الدوسري، علي بن فهيد بن لوذن المري.

فرج الحميدان المري من السعودية:

أما رابع متسابقي الحلقة الأولى من برنامج المنكوس في موسمه الثالث فكان فرج الحميدان المري من السعودية، والذي أجمعت لجنة التحكيم على إبداعه في أدائه وإتقانه فن المنكوس، حيث أشار محمد بن مشيط المري إلى أن الشاعر أحسن الاختيار وأدّى أداء الواثق، قائلاً له: "قدّمت نصا جميلاً، أنت مبدع في الأداء والإلقاء وتفاعلك مع النص"، بينما قال الدكتور حمود الجلوي: "جميل وأطربتني، أحسست بأن هناك إبداعا في الأداء وتلاعبا من الشاعر بالمدود من باب إثبات الشخصية والقدرات بدون أي نشاز"، كما أشاد الأستاذ شايع العيافي بجرأة المتسابق في تغيير نمط اللحن، مثبتاً أنه ملمٌّ باللحن رغم محاولته أن يكسر الروتين الإيقاعي والنمطية.

عبد الله الجلاب المري من السعودية: تألق في الأداء وإعطاء المدود حقها

خامس نجوم الحلقة كان عبد الله الجلاب المري، حيث اعتبر الدكتور حمود الجلوي أن الشاعر أجاد في لحنه بنقلات خفيفة رشيقة بين الأبيات والأشطر، مع إعطاء المدود حقها في كل مكان، وكانت نقلة الشاعر موفقة مع جرأة ووضوح الكلام، بينما قال الأستاذ شايع العيافي: "يعجبني الشخص الذي يدخل المسابقة ويعد العدة لدخوله الواثق، حضور يتقن المنكوس ويطيل النفوس، مع جرأة على تغيير النمطية بكاريزما نحن نبحث عنها في البرنامج"، أما محمد بن مشيط المري فخاطبه قائلاً: "تجاوزت من هم أكبر منك سناً، أديت منكوس الهوى والهوية، تلاعبت باللحن، تفاعلت مع الأداء".

مبارك غانم آل عمار الدوسري من السعودية: 

سادس نجوم الأمسية كان مبارك غانم آل عمار الدوسري من السعودية، والذي رأى الأستاذ شايع العيافي أن أداءه وصوته ومعايير النفس لديه مقبولة مع ملاحظة ضرورة أن يرفع صوته لتتلاءم طبقته مع طبقة الوسط لا طبقة القرار ولا الطبقة العالية بما يبرز جماليات صوت الشاعر، بينما خالفه الأستاذ محمد بن مشيط المري الرأي بقوله: "أقنعني مبارك بشدة في الأداء للحن والصوت، أداؤك جميل واختيارك أجمل وحضورك متميز"، وأضاف الدكتور حمود الجلوي موافقاً زميله بقوله: "أنا اقتنعت بك، فنحن دائما ننظر إلى جانب مهم، نحن نحتاج إلى من يخرج فن المنكوس من جموده، وأداؤك يقنع الناس بأن المنكوس فن طربي، أعجبتني قوة الصوت، الحركة، تمنيت إبراز شخصية مبارك أكثر لما أعرفه عنه من إمكانات".

الظهور الثاني ضمن الحلقة: أداء أكثر تميزا من الدخول الأول

ظهور ثانٍ للمتسابقين شهدته الحلقة، بدون احتساب علامته في تقييم المتسابقين، بدأه الشاعر طالب الحديد المري من قطر، ثم الشاعران فهد عبد الله الربيعي المنصوري وراكان عايض الربيعي المنصوري من الإمارات، جاء بعدهم كلٌّ من الشعراء فرج الحميدان المري وعبد الله الجلاب المري ومبارك غانم آل عمار الدوسري من السعودية، حيث قال الأستاذ محمد بن مشيط المري: "أبدعتم في أدائكم خلال الظهور الثاني، لو كان الظهور الثاني ضمن التقييم لتغيرت درجات المتسابقين، كلكم مبدعون والأجمل أن كلا منكم جاء بلحن متميز عن الثاني"، أما الدكتور حمود الجلوي فأضاف: "الظهور الثاني كان الشعراء فيه أكثر إتقانا وإبداعا من الظهور الأول مع ألحان رائعة"، وختم شايع العيافي بقوله: "كان واضحا في الدخول الثاني استفادة الشعراء من ملاحظات لجنة التحكيم، الأكيد أننا نحرص أكثر من أي شخص آخر أن يكون الأداء في حجم تطلعات جمهور البرنامج".

تأهل الشاعرين عبد الله الجلاب المري ومبارك غانم الدوسري من السعودية

وكانت نتيجة تصويت لجنة التحكيم تأهّل المتسابقين من السعودية عبد الله الجلاب المري الذي حصل على نتيجة 48 ومبارك غانم آل عمار الدوسري الذي حصل على  47، أما المتسابقون الأربعة المتبقون: طالب الحديد المري من قطر، وفهد عبد الله الربيعي المنصوري وراكان عايض الربيعي المنصوري من الإمارات، وفرج الحميدان المري من السعودية، فسيكون تصويت الجمهور مقرراً في تأهل اثنين منهم للاستمرار في المنافسة، وذلك من خلال الموقع الإلكتروني والتطبيق الخاص ببرنامج المنكوس والذي يمكن للجمهور من خلاله التصويت لنجومهم المفضلين.

-انتهى-

معلومات إضافية:

يعدُّ لحن المنكوس أحد ألحان وبحور الشعر النبطي الطويلة التي تطرب سامعها وتشده إليها، وذلك من خلال تفعيلته المتميزة عن غيره من بحور الشعر الأخرى، وتفعيلة المنكوس هي من البحر الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن) مع الالتزام بالقافية في صدر بيت الشعر وعجزه. ويوجد للمنكوس عدد من الألحان المتعارف عليها في منطقة الخليج العربي، ولقد قامت لجنة التحكيم باختيار عدد منها لتكون ضمن معايير التقييم في الحلقات المباشرة، بالإضافة إلى عدد من المعايير المهمة والتي تعتمد على جمالية الصوت وقوته وطريقــــة الأداء عبر إتقان اللحن، وطول النفس. وترجع تسمية المنكوس بهذا الاسم إلى طريقة أدائه في الغناء، إذ يبدأ المغني بطبقة صوت مرتفعة تنخفض شيئاً فشيئاً مع الشطر الأول من صدر البيت الشعري لتبلغ أوجها في نهاية هذا الشطر، ثم تعود وتنتكس (تنخفض) بشكل متدرج في الشطر الثاني من البيت. كما أن هناك من يرجع تسمية المنكوس بهذا الاسم إلى حركة طائر الورقاء "أم سالم"، الذي يستدل البدو من حركته هذه على قدوم فصل الصيف، إذ إنّ صوت هذا الطائر وتغريده يزداد كلما ارتقى إلى الأعلى، ثم لا يلبث صوته الشجي أن ينخفض كلما انتكس نازلاً نحو سطح الأرض، كما يطلق على المنكوس اسم طارق أو لحن المنكوس، لأن المؤدي يطرق بصوته مسامع الآخرين أثناء الأداء.